هل يقود التوتر إلى الإسراف في تناول الطعام
ربما كان يومك متعبا جدا، ولذا فإنك تندفع ومن دون أي تفكير لأخذ قطعة كبيرة من الحلوى خلال فترة الاستراحة.
وكنت تأمل في أن تتناول قطعا صغيرة من تلك الحلوى، ولكن ومن دون أن تدري، أخذت تلتهمها كلها - وخلال فترة يسيرة تشعر، ولو مؤقتا، بأنك في حالة أفضل! عليك ألا تبتئس من ذلك، لأنك لست الوحيد من بين جموع البشر، ذلك أن الهرمونات التي ينشطها التوتر وتأثيرات «أطعمة الراحة» العالية الدهون والسكر، هي التي تدفع الناس نحو الإسراف في تناول الطعام.
وقد ربط الباحثون بين زيادة الوزن والتوتر. ووفقا لمسح من جمعية علم النفس الأميركية فإن واحدا من كل أربعة أميركيين يقيمون مستوى التوتر لديهم بدرجة 8 في سلم من 10 درجات.
التوتر والشهية
يمكن للتوتر على المدى القصير أن يكبح الشهية، إذ يقوم جزء من الدماغ يسمى «ما تحت المهاد» hypothalamus بتوليد هرمون يفرز الكورتيكوتروبين corticotropin، وهو الهرمون الذي يكبح الشهية. كما يرسل الدماغ أيضا إشارات إلى الغدد الموجودة فوق الكلى بهدف ضخ هرمون «إيبينيرفين» epinephrine (الذي يعرف أيضا باسم الأدرينالين» adrenaline). ويساعد الإيبينيرفين على تحفيز استجابات الجسم للمجابهة أو الهروب، وهي حالة نفسية شديدة تؤدي إلى الامتناع عن تناول الطعام مؤقتا.
ولكن إن تواصل التوتر - أو جرى الإحساس بأنه طال - فإن لذلك جوانب أخرى، ففي هذه الحالة تقوم الغدد الكظرية بإفراز هرمون آخر يسمى الكورتيزول cortisol الذي يزيد من الشهية ويزيد من الدوافع عموما، ومنها دافع تناول الطعام.
وما إن ينحسر المشهد الذي أثار التوتر حتى تنحسر مستويات الكورتيزول. إلا أن عدم انحسار التوتر – أو أن استجابة الإنسان لذلك التوتر ظلت على أعلى مستوياتها - فإن مستوى الكورتيزول يظل مرتفعا.
الدهون والسكريات
كما يبدو أن التوتر يؤثر أيضا على اختيارات الغذاء المفضل، إذ أظهر العديد من الدراسات - أجري الكثير منها على الحيوانات - أن الألم البدني أو العاطفي يزيد من تناول الأطعمة الغنية بالدهون، أو السكر، أو كليهما.
وربما يكون هذا المزيج من المستويات العالية لكل من الكورتيزول والأنسولين هو المسؤول عن ذلك. ولكن أبحاثا أخرى تفترض أن هرمون «غريلين» ghrelin المسمى «هرمون الجوع» ربما يلعب دوره في ذلك.
وحالما يتم تناول تلك الأطعمة الدهنية والأطعمة المليئة بالسكر حتى يظهر مفعولها في إبطال نشاط منطقة الدماغ التي ولدت التوتر وتعاملت معه ومع الأحاسيس الأخرى المرتبطة به. ولذا فإن جزءا من التوق الشديد لمثل هذه الأطعمة الناجم عن التوتر، ربما يعود إلى رغبتنا في التخلص منه، أي من التوتر.
وكذلك فإن هذا التوجه، كما ذكرت ماري دالمان الباحثة في جامعة كاليفورنيا، هو خطوة صغيرة لتبريد المشاعر القوية التي نجمت عن التوتر الشديد، أي إنه خطوة باتجاه تناول نفس أنواع الأطعمة التي تهدئ عادة من المشاعر الخفيفة الناجمة عن التعرض لتوتر أقل شدة، أو لحالات التوتر المزمن.
ومن الطبيعي القول إن الإسراف في تناول الطعام لا يعتبر السلوك الوحيد المرتبط بالتوتر، إذ لا يتمتع الأشخاص المتعرضون للتوتر بالنوم، وتقل لديهم ممارسة التمارين الرياضية، ويتجهون لتناول الكحول، وهي الأمور التي تسهم كلها في زيادة الوزن.
استجابات متفاوتة
وتفترض بعض الأبحاث أن هناك اختلافا بين الجنسين في سلوك التعامل مع التوتر، إذ يتوجه النساء في الأغلب إلى تناول الأطعمة، فيما يتجه الرجال إلى تناول الكحول أو التدخين.
وأظهرت دراسة فنلندية شملت أكثر من 5 آلاف رجل وامرأة أن السمنة ارتبطت مع الإسراف في تناول الأطعمة الناجم عن التوتر لدى النساء دون الرجال، فيما أظهرت أبحاث أخرى أن مستويات التوتر العالية تقود إلى زيادة الوزن لدى كل من النساء والرجال، إلا أن تأثيراتها الأكبر كانت على الرجال.
وقد أفاد باحثون من جامعة هارفارد أن توتر العمل أو المشاكل الأخرى المرتبطة بالعمل له علاقة مع زيادة الوزن، ولكن فقط للأشخاص الذين كانوا بدينين في بداية الدراسة.
وأحد التفسيرات لهذه النتيجة تتمثل في أن الأشخاص البدينين لديهم مستويات عالية من الأنسولين ولذا فإن زيادة الوزن المرتبطة بحالة التوتر تظهر في الأكثر عند وجود تركيز أعلى للأنسولين.
كما أن كمية الكورتيزول التي تفرز في جسم كل شخص استجابة للتوتر ربما تمثل عاملا من عوامل زيادة الوزن الناجمة عن التوتر. وقبل سنوات عديدة صمم باحثون بريطانيون دراسة فريدة من نوعها أظهرت أن الأشخاص الذين استجابوا للتوتر بإفراز مستويات أعلى من الكورتيزول أثناء وجودهم في ظروف التجربة العلمية، كانوا على الأكثر من الأشخاص الذين يتجهون لتناول الطعام أثناء حياتهم الاعتيادية بعد تعرضهم لتوترات يومية خفيفة، مقارنة بالأشخاص الذين كانت مستويات الكورتيزول لديهم أقل.
خطوات صحية
إن بدا لك أن التوتر يؤثر على شهيتك بقوة ويزيد من محيط خصرك، فإن الخطوة البسيطة التي يمكنك اتخاذها هي حظر تناول أية أطعمة دهنية أو سكرية، وضرورة إزالتها من أدراج المطبخ أو الثلاجة، إذ إن إبقاء مثل هذه الأطعمة لا يؤدي إلا إلى مشاكل أكثر.
ورغم أن وسائل التخلص من التوتر قد تحولت إلى قطاع مدر للربح حاليا، فإننا نقدم لك الآن ثلاثة من المقترحات:
- التأمل: أظهر الكثير من الدراسات دور التأمل في تخفيف التوتر، رغم أن أغلبها ركزت على ضغط الدم وأمراض القلب. كما أن التأمل يمكن أن يساعد أيضا على الوعي أكثر باختيارات الغذاء. ويؤدي التمرس في التأمل إلى إمكانية منع الإنسان لنفسه من الاندفاع الفوري لتناول «أطعمة الراحة» الدهنية والسكرية.
- إجراء التمارين الرياضية: الرياضة المكثفة تزيد من مستويات الكورتيزول مؤقتا، إلا أن التمارين الخفيفة تقللها. وقد أفاد باحثون من جامعة كاليفورنيا نتائج لدراسة عام 2010 أن التمارين - التي كانت شديدة - يمكنها أن تقلل بعض التأثيرات السلبية للتوتر. كما أن بعض النشاطات مثل اليوغا ورياضة «تاي تشي» تتسم بوجود عناصر لكل من الرياضة والتأمل.
- زيارة الأصدقاء: يبدو أن الدعم الاجتماعي يوفر تأثيرا مرحليا على الأشخاص الذين يعانون من التوتر. وعلى سبيل المثال فقد وجد الباحثون أن الصحة العقلية للأشخاص العاملين في ظروف عمل متوترة مثل أقسام الطوارئ في المستشفيات تكون أفضل عند زيارتهم للأصدقاء. وينطبق هذا على كل الآخرين العاملين في مختلف ظروف العمل أخرى.
وكنت تأمل في أن تتناول قطعا صغيرة من تلك الحلوى، ولكن ومن دون أن تدري، أخذت تلتهمها كلها - وخلال فترة يسيرة تشعر، ولو مؤقتا، بأنك في حالة أفضل! عليك ألا تبتئس من ذلك، لأنك لست الوحيد من بين جموع البشر، ذلك أن الهرمونات التي ينشطها التوتر وتأثيرات «أطعمة الراحة» العالية الدهون والسكر، هي التي تدفع الناس نحو الإسراف في تناول الطعام.
وقد ربط الباحثون بين زيادة الوزن والتوتر. ووفقا لمسح من جمعية علم النفس الأميركية فإن واحدا من كل أربعة أميركيين يقيمون مستوى التوتر لديهم بدرجة 8 في سلم من 10 درجات.
التوتر والشهية
يمكن للتوتر على المدى القصير أن يكبح الشهية، إذ يقوم جزء من الدماغ يسمى «ما تحت المهاد» hypothalamus بتوليد هرمون يفرز الكورتيكوتروبين corticotropin، وهو الهرمون الذي يكبح الشهية. كما يرسل الدماغ أيضا إشارات إلى الغدد الموجودة فوق الكلى بهدف ضخ هرمون «إيبينيرفين» epinephrine (الذي يعرف أيضا باسم الأدرينالين» adrenaline). ويساعد الإيبينيرفين على تحفيز استجابات الجسم للمجابهة أو الهروب، وهي حالة نفسية شديدة تؤدي إلى الامتناع عن تناول الطعام مؤقتا.
ولكن إن تواصل التوتر - أو جرى الإحساس بأنه طال - فإن لذلك جوانب أخرى، ففي هذه الحالة تقوم الغدد الكظرية بإفراز هرمون آخر يسمى الكورتيزول cortisol الذي يزيد من الشهية ويزيد من الدوافع عموما، ومنها دافع تناول الطعام.
وما إن ينحسر المشهد الذي أثار التوتر حتى تنحسر مستويات الكورتيزول. إلا أن عدم انحسار التوتر – أو أن استجابة الإنسان لذلك التوتر ظلت على أعلى مستوياتها - فإن مستوى الكورتيزول يظل مرتفعا.
الدهون والسكريات
كما يبدو أن التوتر يؤثر أيضا على اختيارات الغذاء المفضل، إذ أظهر العديد من الدراسات - أجري الكثير منها على الحيوانات - أن الألم البدني أو العاطفي يزيد من تناول الأطعمة الغنية بالدهون، أو السكر، أو كليهما.
وربما يكون هذا المزيج من المستويات العالية لكل من الكورتيزول والأنسولين هو المسؤول عن ذلك. ولكن أبحاثا أخرى تفترض أن هرمون «غريلين» ghrelin المسمى «هرمون الجوع» ربما يلعب دوره في ذلك.
وحالما يتم تناول تلك الأطعمة الدهنية والأطعمة المليئة بالسكر حتى يظهر مفعولها في إبطال نشاط منطقة الدماغ التي ولدت التوتر وتعاملت معه ومع الأحاسيس الأخرى المرتبطة به. ولذا فإن جزءا من التوق الشديد لمثل هذه الأطعمة الناجم عن التوتر، ربما يعود إلى رغبتنا في التخلص منه، أي من التوتر.
وكذلك فإن هذا التوجه، كما ذكرت ماري دالمان الباحثة في جامعة كاليفورنيا، هو خطوة صغيرة لتبريد المشاعر القوية التي نجمت عن التوتر الشديد، أي إنه خطوة باتجاه تناول نفس أنواع الأطعمة التي تهدئ عادة من المشاعر الخفيفة الناجمة عن التعرض لتوتر أقل شدة، أو لحالات التوتر المزمن.
ومن الطبيعي القول إن الإسراف في تناول الطعام لا يعتبر السلوك الوحيد المرتبط بالتوتر، إذ لا يتمتع الأشخاص المتعرضون للتوتر بالنوم، وتقل لديهم ممارسة التمارين الرياضية، ويتجهون لتناول الكحول، وهي الأمور التي تسهم كلها في زيادة الوزن.
استجابات متفاوتة
وتفترض بعض الأبحاث أن هناك اختلافا بين الجنسين في سلوك التعامل مع التوتر، إذ يتوجه النساء في الأغلب إلى تناول الأطعمة، فيما يتجه الرجال إلى تناول الكحول أو التدخين.
وأظهرت دراسة فنلندية شملت أكثر من 5 آلاف رجل وامرأة أن السمنة ارتبطت مع الإسراف في تناول الأطعمة الناجم عن التوتر لدى النساء دون الرجال، فيما أظهرت أبحاث أخرى أن مستويات التوتر العالية تقود إلى زيادة الوزن لدى كل من النساء والرجال، إلا أن تأثيراتها الأكبر كانت على الرجال.
وقد أفاد باحثون من جامعة هارفارد أن توتر العمل أو المشاكل الأخرى المرتبطة بالعمل له علاقة مع زيادة الوزن، ولكن فقط للأشخاص الذين كانوا بدينين في بداية الدراسة.
وأحد التفسيرات لهذه النتيجة تتمثل في أن الأشخاص البدينين لديهم مستويات عالية من الأنسولين ولذا فإن زيادة الوزن المرتبطة بحالة التوتر تظهر في الأكثر عند وجود تركيز أعلى للأنسولين.
كما أن كمية الكورتيزول التي تفرز في جسم كل شخص استجابة للتوتر ربما تمثل عاملا من عوامل زيادة الوزن الناجمة عن التوتر. وقبل سنوات عديدة صمم باحثون بريطانيون دراسة فريدة من نوعها أظهرت أن الأشخاص الذين استجابوا للتوتر بإفراز مستويات أعلى من الكورتيزول أثناء وجودهم في ظروف التجربة العلمية، كانوا على الأكثر من الأشخاص الذين يتجهون لتناول الطعام أثناء حياتهم الاعتيادية بعد تعرضهم لتوترات يومية خفيفة، مقارنة بالأشخاص الذين كانت مستويات الكورتيزول لديهم أقل.
خطوات صحية
إن بدا لك أن التوتر يؤثر على شهيتك بقوة ويزيد من محيط خصرك، فإن الخطوة البسيطة التي يمكنك اتخاذها هي حظر تناول أية أطعمة دهنية أو سكرية، وضرورة إزالتها من أدراج المطبخ أو الثلاجة، إذ إن إبقاء مثل هذه الأطعمة لا يؤدي إلا إلى مشاكل أكثر.
ورغم أن وسائل التخلص من التوتر قد تحولت إلى قطاع مدر للربح حاليا، فإننا نقدم لك الآن ثلاثة من المقترحات:
- التأمل: أظهر الكثير من الدراسات دور التأمل في تخفيف التوتر، رغم أن أغلبها ركزت على ضغط الدم وأمراض القلب. كما أن التأمل يمكن أن يساعد أيضا على الوعي أكثر باختيارات الغذاء. ويؤدي التمرس في التأمل إلى إمكانية منع الإنسان لنفسه من الاندفاع الفوري لتناول «أطعمة الراحة» الدهنية والسكرية.
- إجراء التمارين الرياضية: الرياضة المكثفة تزيد من مستويات الكورتيزول مؤقتا، إلا أن التمارين الخفيفة تقللها. وقد أفاد باحثون من جامعة كاليفورنيا نتائج لدراسة عام 2010 أن التمارين - التي كانت شديدة - يمكنها أن تقلل بعض التأثيرات السلبية للتوتر. كما أن بعض النشاطات مثل اليوغا ورياضة «تاي تشي» تتسم بوجود عناصر لكل من الرياضة والتأمل.
- زيارة الأصدقاء: يبدو أن الدعم الاجتماعي يوفر تأثيرا مرحليا على الأشخاص الذين يعانون من التوتر. وعلى سبيل المثال فقد وجد الباحثون أن الصحة العقلية للأشخاص العاملين في ظروف عمل متوترة مثل أقسام الطوارئ في المستشفيات تكون أفضل عند زيارتهم للأصدقاء. وينطبق هذا على كل الآخرين العاملين في مختلف ظروف العمل أخرى.